Ads 468x60px

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

يا مدينة لا تعتز بلغتها كما المدن…!


يا مدينة لا تعتز بلغتها كما المدن…! 




«فالذئبة.. حتى الذئبة تحرس نطفتها

و الكلبة تحرس نطفتها

و النملة تعتز بثقب الأرض»…
 "مظفر نواب"
وقديما قالوا «يضع الله حكمته في أضعف خلقه»..
فكم نحن  -اليوم -بحاجة إلى أخذ العبرة من هذه المخلوقات الضعيفة,خاصة عندما نرى بعض المخلوقات الإنسانية "الوجدية" تفرط في هويتها ومكوناتها الثقافية… وعلى رأسها لغتها العربية؛ التي تشكل الخصوصية الثقافية؛ والانتماء السوسيولوجي؛ والمرآة الحقيقية للتواجد والاستمرارية والحصانة ضد أي استلاب لغوي آخر؛ والمؤسف حقا أن  هناك من يريد احتقارها  أو يزيد في احتقارها وذلك على مستويين :احتقار بعض المخاطِبين - للغة العربية-بالترفع عن التكلم  بها؛ ثم احتقار المخاطَبين أيضا بالتوجه إليهم باللغة الفرنسية في اللقاءات والمنتديات وحتى في الدردشات الخاصة؛ ولو كان أغلبهم مغاربة .وقبل أن نواصل الحديث لابد من إشارة بسيطة تؤكد أن اللغة -حسب تعريف ابن جني- هي« عبارة عن أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم »و من خلال هذا القول نستحضر الدور الأساسي لأي لغة لغة وهو الدور التواصلي بين كل قوم أو جماعة متكلمة.مع التأكيد هنا على ضرورة تحقيق  وظيفة التواصل الذي تحملها الرسالة اللغوية ويُفهمها المخاطَب والمخاطِب على أكبر مستوى (مع التسطير على عبارة أكبر مستوى) والى حد هذه الإشارة  لا إشكال ولا إقصاء؛ لكن عندما تتحول اللغة عند بعض المتحدثين من  أداة للتواصل إلى أداة للتميز والتفاخر  الذي لا بد منه من أجل إضفاء سمة الاختلاف والتعالي ؛ والبقية هم دون ذلك؛    فقد وجب التدخل  والدفاع والكتابة ورد الاعتبار,  ولن تُعدم الأمثلة الحية في مدينة وجدة؛ حيث نجد من يتلذذون بهذا التعالي و من يتلذذون بالتعالي  عنهم -إن صح التعبير- وتجدهم يلبون كل الدعوات "المفرنسة" ولو دار فيها الحديث عن مجرد قصة أو رواية تافهة   أو مجرد حفل موسيقي لأطفال لا زالوا يتهجون الفرنسية والنوتات الموسيقية…  فتُفرّقُ الدعوات ويُعْلمُ الحاضرُ الغائبَ والغائبُ الغائبَ ويأتي النساء والأطفال والشيوخ والعجائز. و إذا كان النشاط أكثر "نشاطا" أو المحاضر شخصية غير عادية فالدعوات تطبع على البطاقات الملونة ؛وبالكلمات المذهبة؛ وفي الأقراص المدمجة؛ وتعلن في أمواج الإذاعة وصفحات الانترنيت؛ و حيطان الشوارع؛ وسبورات الجمعيات..  وتُجنّد لها كل الطاقات.. وأقرب مثال يتبادر إلى الذهن هو محاضرة المفكر "طارق رمضان" التي حج إليها الفقهاء والعلماء والأساتذة والطلبة والصحافة والتجار والبوليس…من كل فج عميق ومُلئت الصالات و بُثّت الشاشات ليحدثهم هذا العالم الكبير مع شديد الاحترام لفكره  عن:
  الشاطبي… بماذا؟
- بلغة موليير.
 و عن الاندماج … بماذا؟
- بمعجم" لاروس"
 وكأنه يخاطب الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا أو تلك  المقيمة  في ضواحي باريس  .
السؤال إذن لماذا لم يكن الخطاب باللغة العربية..؟:
 مادام الشخص عالما دارسا  لعلوم القرآن والحديث ومنظرا لإسلام متفتح يريد أن يصل خطابه إلى كل من حل عندهم… !
 ومادام  الموضوع  يهم كل هذا الحشد الغفير من الناس.. !
 ومادام المخاطَبون –هم  وجديون –  لسانهم العربية..! 
 أم أن الناس جاءت تبحث عن شيء آخر غير التواصل!
.وسؤال آخر يطرح نفسه:
 لو أن  المحاضر المذكور ذهب إلى أي مدينة كالقاهرة وحاضر بالفرنسية ماذا كنتم ستتوقعون؟!
الجواب واحد لا جدال فيه :

 لن يمر على الجملة الأولى  دقائق معدودات حتى ينفض الجمع من حوله  ويتركه جالسا على كرسيه.. لأن الناس هناك تريد تواصلا ولا تريد تميزا, واللغة التي تحقق أكبر قدر من التواصل وتحافظ على خصوصيتهم هي اللغة التي يصرون على  أن يخاطبهم بها..
وفي مقابل هذه الأنشطة «النشيطة جدا جمهورا وفضاء» نجد أن الدعوات التي ترسلها جمعيات ومؤسسات أخرى تحاضر باللغة العربية لا تلقى نفس الاهتمام ونفس الحضور؛ وأقرب مثال أيضا هي المحاضرة  التي نظمها اتحاد كتاب المغرب فرع وجدة ومن جميل الصدف أن موضوعها كان حول «الترجمة ودورها في حوار الثقافات».فلماذا غاب كل أولئك "العاشقين" للفرنسية حتى يستفيد الكل بضلوعهم في فهم ثقافة الآخر؟! رغم أن الإعلان  عن المحاضرة تم بشكل مكثف  وأجريت  مجموعة من الاتصالات حسب ما أكده كاتب الفرع "السيد يحيى عمارة " لكن لا حياة لمن تناديه  إلى محاضرة باللغة العربية؛رغم أنها مرت في جو ثقافي وعلمي  متميز بحضور أساتذة لهم دراية وممارسة عملية في ميدان الترجمة وعلى رأسهم الأستاذ محمد لقاح والأستاذ محمد العرجوني والأستاذ  أحمد الجوهري…
وعلى ذكر الترجمة, فهذا ما نحتاجه اليوم من أجل إيصال ثقافتنا والاتصال بثقافة الآخر من منطلق الاهتمام بلغتنا أولا وتطوريها لا بتهميشها عبر الاهتمام باللغات الأخرى فقط .  ونحيي هنا كل من يناضل على الجبهتين ولسنا بحاجة إلى أولئك الدين يحتقرون لغتنا العربية و يظنون أن اللغة الفرنسية هي اللغة الراقية التي  لا مثيل لها, وينتظرون دعواتها بلهفة  وشوق؛ ويلبسون لها أفخر الثياب؛ ويشاركون في الفرحة المشتعلة في قاعات محاضراتها ومعارضها؛ وكأنهم حققوا نصرا عظيما أو فتحا مبينا, في حين أن  تلك اللغة في حد ذاتها أصبحت تحتل مراكز متأخرة من بين اللغات العالمية الأخرى ولن تستطيع أن تحصل بها على شربة ماء خارج أسوارها ؛كما لم تعد لها قيمة كبيرة إلا عند الفرنسيين طبعا (الذين يعضون عليها بالنواجد وأشهر مثال هو ما كان قد قام به الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك عند انسحابه من قاعة الاجتماعات ببروكسيل حين قدم عضو فرنسي في البرلمان الاروبي مداخلته بالانجليزية ولم تهدأ ثورة شيراك إلا عندما أعاد النائب مداخلة بالفرنسية)… وعند "المتفرنسين" من  المستعمرات القديمة  أو  من يطلق عليهم "بالفرنكفونين" التي تحاول المراكز الثقافية الفرنسية الحفاظ على وجودهم لأنها تخاف عليهم من الانقراض -وفي عمق المسألة الحفاظ على لغتهم من الانقراض- لهذا  تدعمهم ماليا وثقافيا وتكيف لهم الصالات وتطبع لهم الدعوات…
و اعترافا بالحب المتبادل أو التملق المتبادل- لا فرق - هناك جمعيات قانونها الأساسي باللغة العربية لكنها لم تنطق بجملة منها مند تأسيسها حسب ما يؤكده مصدر مطلع:
 محاضراتها بالفرنسية…
 و لقاءاتها فرنسية…
 و من ترد على تليفوناتها لا ترضى أن تجيبك إلا باللغة الفرنسية…
 وحتى يعبر هؤلاء "الفركوفونيون " عن شدة ولائهم لهذا الزواج الكاثوليكي بينهم وبين كل ما هو فرنسي لا يدخرون جهدا في احتقار لغتهم بل لا يترددون في  رفع  شعار من قبيل:
 " أن ما لا يتقن الفرنسية فهو متخلف عن التنمية في هذه المدينة   " …
وكأن   حل مشكلات المزابل والأوساخ المترامية لا يكون إلا بجدول عمل فرنسي…
 وإنقاذ الأحياء الهامشية  و إنقاذ ما تبقى من أسوار المدينة القديمة من التآكل والانهيار لا يكون إلا بمرسوم مرقون  بلوحة مفاتيح فرنسية…
واستثمار الطاقات وتشغيل الشباب لا يحق لهم  إلا إذا أتقنوا الصرف والنحو الفرنسي…
 والإسراع في تجهيز الشوارع  لا يتم إلا بسحر الفرنسية…
 والكتابة عن تاريخ وجدة لا تكتمل جماليتها إلا بالحروف الهجائية الفرنسية…
  إن التنمية أيها السادة فعلٌ وليست مجرد كلمات, فمتى ارتبطت المشاريع التنموية بالفرنسية ولا شيء غير الفرنسية.؟!
وفي الأخير لا يمكن إلا الإشادة ببعض الجهود المبذولة في سبيل رد الاعتبار إلى اللغة العربية في مدينة وجدة وعلى رأسها المبادرة الفعلية التي قام بها بعض الغيورين  وعلى رأسهم الأستاذ "رشيد بلحبيب" في تأسيس فرع  للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية؛ ولو أن غيورين آخرين يريدون أن تصدر الدولة مرسوما خاصا بها لحمايتها من شباك الفركفونية التي تكاد تحتويها .. أو تتركها دوما على الهامش… 
  

كتبهارشيد قدوري ، في 31 يناير 2008 الساعة: 11:09 ص


0 commentaires:

إرسال تعليق

بالنسبة للأشخاص الذين لا يتوفرون على حساب في جمايل ويودون التعليق فالمرجو كتابة التعليق ثم
الضغط على السهم بالقرب من:: :التعليق باسم ::وملء الخانة

الإسم: (اسم صاحب التعليق)
عنوان URL: (في حالة التوفر على موقع الكتروني ضع رابطه هنا)

ثم ادخال الحروف اسفله و الرقم الموجود في الصورة ثم نشر التعليق
--------------------------------------------------------------------------------

ملحوظة : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل تعبر عن آراء أصحابها