Ads 468x60px

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

«خفيف بوزن الريشة…ثقيل بحب الوطن ..!»


«خفيف بوزن الريشة…ثقيل بحب الوطن ..!»



هو الوصف المسترسل باللسان العفوي , و الذي تعانيه الذات المكلومة, ويفيض به القلب المشحون بالأسى …
هو الوصف الممزوج بالعذاب الذي لا ينتهي … إلا بالعودة المرتقبة من  الأفق الضبابي …
هو الوصف الموزون على بحر الألم الذي يفوق جميع البحور في الشاعرية والتشظي …
هو الوصف التي يطوف الأثير… ليلخص المأساة ويزرع الأمل لعله يرسم نهجا للقاء متجدد…
الناطقة بهذا الوصف  «خفيف بوزن الريشة… ثقيل بحب الوطن…! »  ليست شاعرة أو روائية أو قاصة  بل هي «أم» الملاكم «سعيد الصدراوي» في معرض حديثها عن مأساة اختفاء ابنها ودلك  في حلقة يوم الخميس 1 فبراير من  البرنامج الاجتماعي   «مختفون» الذي بثته «القناة الثانية» تحت عنوان اختفاء الرياضيين . حادثة الاختفاء هاته كانت فعلا الضربة القاضية الموجهة لأحلام سعيد والموجهة لعائلته الحزينة كما جاء في التعليق.
عندما استمعت إلى كلمات الأم البسيطة الفكر وهي تعبر بهذا المستوى الروحي والشاعري تناثرتـني  الدهشة وأيقنت أن الإبداع الفطري هو أرقى أنواع الإبداع , وهو الذي  يحدث الزلزال ويستحضر الأسئلة و التصور المحير:
الأسئلة التي دفعت بسعيد  «الصلب» والمشهود له من طرف أمه وهي تذرف الدموع المالحة وتمسح بها الميداليات والجوائز التي تركها ابنها في عهدتها حتى تحافظ على بريقها وبريق الأمل في عينيها, والمشهود له أيضا من طرف إخوته و أصدقائه ومدربيه  بالإمكانيات الأخلاقية و البدنية والتقنية في رياضة الفن النبيل… فكيف يمكنه أن يتوقف فجأة..؟! و كيف يقرر الاختفاء دون سابق إنذار أو إعلام ..؟! تصور واحد يستحضره منطق الواقع المؤلم  هو اختيار سعيد للرحيل نحو وجهة أخرى  يحقق فيها حلم النجاح الذي سد أمامه في تحقيق مكسب قار و شهرة وطنية ودولية اثر عدم تأهيله للألعاب الاولمبية التي أقيمت بسيدني  عام 2000.  أقول عدم تأهيله بفعل مقومات أخرى غير المقومات الرياضية والإمكانيات البدنية والتقنية لأنني استبعد  جدا أن  لا يتأهل ملاكم من طينة سعيد - وهو البطل الذي حقق العديد من الألقاب-  إلى نهائيات مثل نهائيات  سيدني ولا تعطى له فرصة الدفاع عن القميص الوطني الذي يحمل ثقله في دواخله…  وهنا استوقفكم لأوضح شيئا أساسيا إنني هنا لا أتحدث بمنطق المتخصص في التحاليل والتعاليق الرياضية, ببساطة لأنني لست من المتخصصين أو المهتمين بالرياضة اهتماما كبيرا ولكن أتحدث هنا بالمنطق الإنساني والوطني الذي يتمنى الخير والتوفيق لكل مواطن مغربي يفتخر بوطنه ويريد أن يدافع عنه بكل ما أوتي من ملكة فكرية أو رياضية أو علمية أو أدبية… وحالة سعيد أضعها في الجانب الإنساني والوطني العام أكثر من الجانب الرياضي الخاص. وحالة سعيد هي حالة واحدة من بين العديد من الحالات التي واجه فيها مواطنون مغاربة الإحباط والتذمر والانكسار وسدت أمامهم فرصة الدفاع عن روحهم الوطنية فاختاروا الرحيل نحو المجهول. وإذا كانت حالة سعيد تدخل في خانة الاحتمال  والتصور إلى حين أن يثبت مكان الحلبة التي يلاكم فيها أو يعود ليعانق أمه راضيا مرضيا,  فهناك حالات كثيرة تدخل في خانة الأكيد والمعلوم..حالات اضطرت أن تتخلص من الثقل كرها وتستسلم للريح والموج … فهناك من حملته الريح الرطبة/الأوروبية… وهناك من امتصته ريح الشركًََي/الخليجية… وهناك من سحبته –عنوة- أعاصير أمريكا الشمالية… وهناك من تعبوا من الإبحار ضد التيار… رغبتهم الملحة في تقمص عباءة الوطن والزحف بها نحو الأضواء لم تصمد أمام رغبة خفافيش الظلام الأكثر إلحاحا في تكسير المعنويات واغتصاب روح الإصرار والأمل في دواخل الحالمين فدفعتهم إلى ما يشبه الخيانة المشروعة في اعتقادهم…
كل رياضي مغربي رحل عن الميادين الوطنية وارتمى في حضن جنسية أخرى و تقمص علما آخر هو قصة مفتوحة على سؤال مركزي : لماذا أقـــــــدمـــوا على هدا الفعـــــــــل ..؟!
خالد الخنوشي  قصة عنوانها " الأمركة" عداء دو أصل مغربي يحطم الرقم القياسي العالمي للماراطون  في شيكاغو عام 1999. ساعتان وخمس دقائق و42 ثانية كانت كافية ليقف هدا العداء منتصب القامة أمام  علم USA وليس أمام علم بلاده الأصلي …
محمد مغيث بطل آخر وقصة أخرى تبدأ من دروب مدينة خريبكة  لينتهي به الحال بطلا لبلجيكا وأوربا في المسافات الطويلة,وتزداد أحداث القصة إثارة عندما سيفوز بالميدالية الذهبية  في بطولة العالم للعدو الريفي بمراكش, ليصدح النشيد الوطني البلجيكي بين جذوع النخيل, عوض النشيد الوطني المغربي…
 ـوهناك أسماء أخرى: رقية مراوي، اديس المعزوزي  ,إسماعيل الصغير, عبد اللطيف بنعزي … ويرتفع العدد إلى حوالي 120 رياضيا يعني 120 قصة  وإذا أردتم جوابا عن سبب رحيل كل واحد منهم فأقول لكم :عند أصحابها الخبر اليقين …بقي أن أشير فقط إلى أن البطل المغربي هشام الكروج نفسه، كان في يوم من الأيام على وشك حمل الجنسية الأمريكية . ويتذكر انه فاتح والدته في الأمر فقالت له «إذا كنت تقصد أمريكا للدراسة فلا بأس، وإذا كنت تسعى لحمل جنسية أخرى غير جنسيتك الأصلية، فعليك أن تبحث لك عن أم أخرى». فكان هذا الحوار البسيط كافيا لابن الثامنة عشرة آنذاك أن يعدل عن فكرة التجنيس . وهو نفس النداء ونفس النبرة التي تناشد بها اليوم أم سعيد الصدرواي  ابنها ليعود إلى حضنها وحضن الوطن اللذان ينتظرانه بشوق.
ما يستخلص من هده الأرقام والأحداث هي ثنائية الحب والوطن … إن عشقك لوطنيتك هو نسخة طبق الأصل من عشقك لحبيبتك الأولى …تحب وطنيتك دون قرار منك أو منها بل بقرار من الحب نفسه … وتحب حبيبتك الأولى دون قرار منك أو منها بل بقرار من الحب نفسه … فإذا كان الحب متبادلا فانه سيشكل صيرورة العطاء و تفاعل الصبابة الأبدية. أما إذا كان الحب من طرف واحد فانك ستقاوم قدر ما تستطيع لتفوز بقلبها وان سدت أمامك كل الأبواب فانك ترتمي في حضن أول عاهرة أو أجنبية تصادفها في مشوار الغضب والصدود, لتنجب منها أطفالا معاقين تاريخيا وممزقين ثقافيا … صدقوني عندما أحاول أن استحضر صورة لملاكمين مغربيين أو عدائين مغربيين في نفس حلبة التنافس: الأول يقاتل بمغربيته والثاني يقاتل بجنسية أخرى تتبعثر في دهني الأحاسيس وأحاول أن أتخيل كيف سيكون طعم الفوز عند كل واحد منهما , إذا فاز الأول لن تكون فرحته مكتملة لأنه فاز على خصم يشاركه وحدة التاريخ ووحدة الأرض الأم ووحدة اللغة الأم ووحدة اللهجة الأم و ويشاركه جميع الخصوصيات ماعدا لون القميص الذي يباعد بينهما . وإذا فاز الثاني لن تكون فرحته  مكتملة أيضا     لأنه في قرار بداياته كان يريد أن يهدي فوزه إلى خصمه الذي هو أمامه وليس على حسابه, هدا من جهة ومن جهة أخرى سوف يعزف فوزه على نشيد بكلمات من خشب وعلى راية لم ترفرف أبدا في برنامج أحلامه يوما …
وعودة أخرى للحديث عن خفافيش الظلام التي لا تكتفي باغتيال الأحلام بل تكره حتى  النجاح والتألق الذي حصده أبناء هدا الوطن  واستغرب جدا لتلك الصورة الاشهارية التي تبثها إحدى القنوات والتي  تختزل  فيها المدرب بادو الزاكي كعازف لآلة الهجهوج   وكأنه لا علاقة له بالكرة المستديرة فهل غابت عنهم كل تلك السيمفونيات التي عزفها في الملاعب التونسية في إطار نهائيات كاس إفريقيا لعام 2004  وهي السيمفونيات نفسها التي "هجهج" بها قلوب المغاربة رجالا ونساء وأطفالا وأخرجهم إلى الشارع دون سابق إنذار أو تأطير. أم تلك السيمفونيات لا توجد في خزانة "الأرشفة التاريخية" .وعليه اختم بالقول : إذا كان هناك من استرخص نجاحك ايها الزاكي فالجماهير الوجدية تحفظ لك التألق في الذاكرة وكأنه الأمس القريب وتبقى نتيجة مباراة المغرب والجزائر مرقونة بعناية على جدار "جامع الخيرية" بمحاذاة "سوق مليلية" هكذا " 3-1 بدون تعليق أو تخدير " والغرض من إثارة صورة الزاكي ما هو ألا نداء آخر يبرق في الظلمة ويملأ المدى صراخا ويقول لا تبخسوا الناس انتصاراتهم وقدراتهم وأحاسيسهم كي لا يحملوا أجسامهم وعضلاتهم ومؤهلاتهم وتقنياتهم ويرحلون دون أن ينسوا شيئا واحدا هو الاعتذار للوطن …ولسعيد  ولجميع المغاربة اقول تصبحون على وطن….

كتبهارشيد قدوري ، في 1 أبريل 2007 الساعة: 03:21 ص

0 commentaires:

إرسال تعليق

بالنسبة للأشخاص الذين لا يتوفرون على حساب في جمايل ويودون التعليق فالمرجو كتابة التعليق ثم
الضغط على السهم بالقرب من:: :التعليق باسم ::وملء الخانة

الإسم: (اسم صاحب التعليق)
عنوان URL: (في حالة التوفر على موقع الكتروني ضع رابطه هنا)

ثم ادخال الحروف اسفله و الرقم الموجود في الصورة ثم نشر التعليق
--------------------------------------------------------------------------------

ملحوظة : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل تعبر عن آراء أصحابها